اختار مجلس السيادة الانتقالي في السودان، بقيادة عبدالفتاح البرهان، الدكتور كامل إدريس رئيسًا لوزراء السودان، وسط أزمة سياسية وأمنية تعصف بالبلاد منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، في محاولة لملء فراغ السلطة الذي أرهق الدولة على مدى أكثر من عامين.
تعيين كامل إدريس الذي لم يكن ضمن التوقعات المطروحة على الساحة السودانية، حيث ابتعد الرجل لسنوات عن النشاط السياسي المحلي، وركز خلال العقود الماضية على نشاطه الأكاديمي والدبلوماسي في المنظمات الدولية، لكن في ظل انسداد الأفق السياسي وتعثر المبادرات الأممية والإقليمية، برز اسمه بوصفه شخصية تحظى بقدر من الإجماع الخارجي وتتمتع بسيرة مهنية مرموقة.
ولد كامل حسن علي إدريس، في 26 أغسطس من عام 1954 في مدينة دنقلا شمال السودان، وحاصل على الدكتوراه في القانون الدولي من جامعة جنيف، بعد حصوله على البكالوريوس في الفلسفة من جامعة القاهرة، وليسانس الحقوق من جامعة الخرطوم.
عمل “إدريس” كأستاذ في الفلسفة والقضاء بجامعة القاهرة، ودرّ القضاء بجامعة أوهايو، والقانون الدولي في جامعة الخرطوم، وشغل عضوية لجنة الأمم المتحدة للقانون الدولي خلال فترتين بمجموع 5 سنوات.
تولى كامل إدريس سابقًا منصب المدير العام للمنظمة العالمية للملكية الفكرية لمدة 11 عامًا بين 1997 و2008، وكان أول سوداني يصل إلى هذا المنصب الدولي البارز، وقد حظي باحترام واسع داخل الأوساط القانونية والدبلوماسية، لما قدمه من إصلاحات متعلقة بحماية حقوق الملكية الفكرية في الدول النامية، ومساهمته في تطوير آليات العدالة الدولية.
يتحدث كامل إدريس أربع لغات، هي العربية، الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، وله عدة مؤلفات حول القانون الدولي والعلاقات الدولية، وعمل في فترات مختلفة كمستشار لدى الأمم المتحدة، وله خبرة في بناء سياسات ما بعد النزاعات في عدة دول إفريقية وآسيوية.
ورغم افتقاره لقاعدة سياسية داخلية تقليدية، يُنظر إلى إدريس على أنه “تكنوقراط مستقل” بإمكانه لعب دور الجسر بين الأطراف المتنازعة في السودان، إذا ما توفرت الإرادة السياسية والضمانات الدولية.
ويرى البعض في في اختيار كامل إدريس محاولة لإرسال رسالة طمأنة إلى المجتمع الدولي بأن الجيش مستعد للمضي في مسار سياسي مدني، بينما يرى آخرون أن الخطوة قد تكون مجرد غطاء دبلوماسي لمواصلة السيطرة العسكرية في مواجهة قوات الدعم السريع.
ومن الجدير بالذكر أن السودان يواجه أوضاعًا إنسانية متدهورة، حيث نزح أكثر من 10 ملايين شخص داخليًا، وسط انهيار تام للخدمات الأساسية وانقسام إداري حاد بين الأطراف المتحاربة.