يُعد الاقتصاد الموازي أو الاقتصاد غير الرسمي جزءًا كبيرًا من النشاط الاقتصادي في العالم، حيث يشمل جميع الأنشطة الاقتصادية التي لا تُسجّل رسمياً أو لا تُخضع للضرائب. وينتج عن هذا الاقتصاد دخلاً هائلاً يقدّر بتريليونات الدولارات سنوياً، وينطوي على أنشطة غير قانونية مثل التهريب وتجارة المخدرات، فضلاً عن الأعمال التجارية غير المعلنة مثل الباعة المتجولين والمعاملات النقدية التي تتم خارج النظام الرسمي.
يشكل الاقتصاد الموازي نسبة أكبر من الناتج المحلي الإجمالي في البلدان منخفضة الدخل، حيث يصل إلى حوالي 42.4% من اقتصاد هذه الدول. بالمقابل، تتراجع هذه النسبة بشكل كبير في الدول الغنية لتصل إلى 5.9% فقط، مع تسجيل دولة الإمارات العربية المتحدة لأقل نسبة على الإطلاق.
تتصدر سيراليون قائمة الدول التي يمتلك اقتصادها الموازي أكبر نسبة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث يُشكّل 64.5%. ويعود ذلك إلى اعتماد ملايين العمال، مثل المزارعين والباعة المتجولين وأصحاب المشاريع الصغيرة، على الاقتصاد غير الرسمي كمصدر رئيسي للدخل، إلى جانب وجود فرص محدودة في القطاع الرسمي والبيروقراطية المعقدة.
تحتل النيجر المركز الثاني بنسبة 56.3% من الناتج المحلي، تليها نيبال بنسبة 51%. في نيبال، يلعب الاقتصاد غير الرسمي دوراً حيوياً خاصةً في القطاع الزراعي، حيث يشارك حوالي 85% من القوة العاملة في هذا القطاع في الاقتصاد الموازي، ما يجعله أحد أهم مصادر الكسب للعديد من السكان.
ومن بين الدول الأخرى التي تمتلك اقتصادًا موازيًا كبيرًا، إثيوبيا بنسبة 50.2% وبوروندي بنسبة 49.2% ومالي بنسبة 46.8%. وفي جمهورية الكونغو الديمقراطية، يشكل الاقتصاد الموازي 42.1% من الناتج المحلي الإجمالي، مع وجود كبير للأنشطة الإجرامية المنظمة التي تعزز من هذا القطاع.
على الرغم من أن الاقتصاد الموازي في الولايات المتحدة يشكل حوالي 5% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، إلا أن قيمته تصل إلى 1.4 تريليون دولار، ما يجعله من أكبر الاقتصادات الموازية على مستوى العالم من حيث القيمة.
يشكل الاقتصاد الموازي تحديات كبيرة للحكومات، إذ يؤدي إلى فقدان عائدات ضريبية هامة، ويعرقل جهود التنمية الاقتصادية، ويزيد من صعوبة تنظيم الأسواق. ومع ذلك، فهو يوفر فرص عمل ودخلًا للعديد من الأشخاص في البلدان النامية، خصوصاً في المناطق التي تعاني من ضعف القطاع الرسمي والفرص الاقتصادية.
تسعى بعض الحكومات إلى تقليل حجم الاقتصاد الموازي من خلال تبسيط الإجراءات الإدارية، وتحسين فرص العمل، وتعزيز الشفافية، وتوفير حوافز للاندماج في الاقتصاد الرسمي، مع ضرورة الحفاظ على دور هذا القطاع كمصدر دعم اقتصادي لكثير من الأسر.