تعود الشركات الصينية لتستعيد حضورها في الأسواق المالية الأمريكية، في ظل الحرب التجارية المتجددة بين الولايات المتحدة والصين التي تصاعدت خلال فترة رئاسة دونالد ترامب ولا تزال تؤثر على المشهد الاقتصادي حتى عام 2025، مع استئناف الطروحات الأولية وتزايد حجم رؤوس الأموال المُدارة عبر البورصات الأمريكية.
وفقًا لتقرير صادر عن لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية الأمريكية-الصينية، تصنف الشركات الصينية المدرجة في الولايات المتحدة وفقًا لمقرها التشغيلي الرئيسي أو إدراجها الرسمي في البورصات الأمريكية. ويبلغ إجمالي القيمة السوقية لأكبر 30 شركة صينية مدرجة في الولايات المتحدة نحو 873 مليار دولار بحلول أبريل 2025، ما يعادل أقل من نصف القيمة السوقية لشركة آبل الأمريكية.
تتصدر شركة علي بابا القائمة كأكبر شركة صينية في السوق الأمريكية، حيث حققت نموًا هائلًا في قيمتها السوقية منذ طرحها الأولي قبل أكثر من عقد، ووصلت قيمتها السوقية إلى 285 مليار دولار. تبعتها شركة التجارة الإلكترونية Pinduoduo التي بلغت قيمتها 143.2 مليار دولار، رغم إدراجها المتأخر مقارنة بعلي بابا.
وفي المركز الثالث تأتي NetEase، أقدم شركة صينية ضمن أكبر 30 شركة، والتي توسعت من كونها مزود خدمات بريد إلكتروني إلى شركات رائدة في مجالات الألعاب الرقمية والبث الموسيقي والتعليم عبر الإنترنت.
يُلاحظ غياب شركة Tencent من القائمة، حيث أن الشركة الأم مدرجة في بورصة هونغ كونغ، بينما تحتل شركة Tencent Music التابعة لها المرتبة العاشرة ضمن الشركات الصينية في الأسواق الأمريكية.
شهدت الطروحات الأولية الصينية في الولايات المتحدة فترة ركود خلال عامي 2022 و2023، بسبب التوترات الجيوسياسية والإجراءات التنظيمية المتشددة، خاصةً بعد تدخل الحكومة الصينية في عام 2021 بوضع قواعد صارمة لمراجعة بيانات الشركات التي تسعى للطرح الخارجي، الأمر الذي قد يؤدي إلى منع بعض الطروحات إذا اعتبرت تهديدًا للأمن القومي.
لكن منذ يناير 2024، عادت الطروحات الأولية الصينية إلى الانتعاش، حيث تم إدراج 48 شركة جديدة، معظمها من الشركات الصغيرة والمتوسطة، بمتوسط طرح أولي قدره 50 مليون دولار. وهذا يعكس رغبة متجددة في التوسع والاندماج بالسوق الأمريكية رغم المناخ السياسي المتوتر.
تشكل هذه التطورات انعكاسًا حيًا للتعقيدات المتشابكة بين الاقتصادين الأمريكي والصيني، حيث تستمر الشركات الصينية في البحث عن فرص التمويل والتوسع في أكبر سوق مالية في العالم، بينما تحاول الحكومتان التوفيق بين المصالح الاقتصادية والسياسات الأمنية.